تعلم السباحة

مقدمة نظرية

كان عبد الملك بن مروان يقول للشعبي مؤدب ولده: "علم ولدي العوم، وخذهم (هذبهم) بقلة النوم، فإنهم يجدون من يكتب عنهم ولا يجدون من يسبح عنهم"

وقيل لأبي هاشم الصوفي: فيم كنت؟ قال: في تعليم ما لا ينسى، وليس لشيء من الحيوان عنه غنى. قيل وما هو؟ قال: السباحة. ولكن لم كل هذا الاهتمام بالسباحة؟ ولم أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أهل الشام يحثهم على تعلم السباحة إلى جانب الرمي والفروسية؟

لماذا يعد تعلم مهارات السباحة الأساسية أمرًا حيويًا؟

للإجابة على هذا السؤال فلنبدأ بالبديهي: الماء يغطي 71% من مساحة الأرض، لذلك فمن المعقول أن نفترض أنك قد تضطر إلى السفر أو العبور فوق الماء في مرحلة ما من عمرك، وبالتالي فأنت معرض إلى خطر الغرق. وفي دراسة عن الغرق نشرتها منظمة الصحة العالمية في عام 2014 وجد أن حوالي 372 ألف إنسان يموتون من الغرق سنوياً؛ أكثر من نصفهم تحت سن الخامسة والعشرين، وأن الرجال في المجمل عرضةً للغرق مرتين أكثر من النساء. مع العلم بأن هذه الدراسة لا تأخذ في الحسبان حالات الغرق الناتجة عن الحوادث.
إذا فتعلم السباحة أمر حيوي للحفاظ على النفس.

ولكن هناك أسباب أخرى في نفس الأهمية تدعو لتعلم السباحة، وأهمها أنها من الإعداد للقوة التي أُمِرنا به، ولهذا أوصى بتعلمها الفاروق رضي الله عنه. بل وكانت السباحة من أهم المهارات للجنود على مر العصور منذ أيام الآشوريين مروراً بالإغريق والرومان، ومقاتلي الساموراي كانوا يتدربون على العوم بكامل عدتهم بحسب كتاب Why we swim للكاتبة Bonnie Tsui الذي تتبع فيه السباحة في تاريخ الإنسان.

و لنا في تاريخنا مثل أعلى من هؤلاء وهو عيسى العوام رحمه الله كان غواصاً عربياً مسلماً حارب مع القائد الناصر صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين، وكان يدخل إلى البلد - يعني عكا أثناء حصار الفرنج لها - بالكتب والنفقات مربوطة على وسطه، ليلاً على غِرّة من العدو، وكان يعوم ويخرج من الجانب الآخر من مراكب العدو.

كيف تتعلم السباحة؟

ابدأ بنفسك وأهلك. إن كنت لا تحسن العوم فالتحق بمدرسة تعليم السباحة وألحق أبنائك بذات المدارس إن وجدت. وإن لم توجد فابحث عن سباح ماهر يستطيع أن يعلمك وأبنائك المبادئ الأساسية ثم داوم على التدريب لتعلي من كفاءتك.

يجب إتقان أربعة مبادئ أساسية قبل الشروع في تعلم السباحة:

التنفس

بدون ضبط القدرة على التنفس أثناء السباحة فستجد صعوبة في القيام بالحركات المطلوبة وبالتالي الشعور بالإرهاق والتعب وعدم القدرة على الاستمرار في العوم. في البداية اعتاد على وضع وجهك في الماء والزفير من أنفك وفمك، ثم ارفع رأسك وخذ نفسًا كاملاً قبل أن تضع وجهك في الماء مرة أخرى. وممكن جعل التمرين أكثر صعوبة بغمر رأسك بأكمله تحت الماء عند الزفير.

تعلم أن تطفو وتنزلق على سطح الماء

بعد ذلك يأتي دور الطفو على سطح الماء على ظهرك وعلى صدرك؛ اتقان الطفو يخرجك من دائرة الهلع والرغبة في البقاء على الحياة إلى دائرة القابلية للتعلم وبناء الثقة. ابدأ بتعلم الطفو وأنت ترتدي سترة نجاة. فالأمر يكون أسهل عندما لا تكون قلقًا بشأن الغرق. يأتي بعد ذلك تعلم الانزلاق عبر الماء، وهو ما يجب اتقانه قبل أن تفكر في الركل والتجديف. يساعد الانزلاق على التعود على الإحساس بالحركة. حاول دفع الجدار الجانبي أو أرضية حمام السباحة برفق مع فرد ذراعيك أمام رأسك. أبقِ رأسك متجهًا لأسفل في الماء في وضع أفقي وانزلق حتى تبطئ. قف في نهاية الانزلاق وتنفس.

نَسِّق حركاتك

غالبًا ما يجد السباحون المبتدئون أنفسهم يقطعون الماء بأطرافهم بطريقة فوضوية. يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تشعر بتحريك أطرافك في الوقت المناسب. يجب أيضًا أن تعتاد على تحريك عضلات أسفل الظهر والبطن والأوراك لدفعك للأمام. حاول أن تجعل ساقيك تبرزان خلف جسمك وتحافظ على وضع رشيق وانسيابي. بمرور الوقت، يقلل هذا من مقاومة الماء ويجعلك سباحًا أكثر كفاءة.

تعلم ضربات السباحة

الآن وقد أتقنت المهارات السابقة فقد حان وقت تعلم ضربات وركلات السباحة ، فإن إتقان ضربة معينة هو التحدي التالي. وأسهل أساليب سباحة هي السباحة الحرة وسباحة الصدر ولكن مع سهولة سباحة الصدر للمبتدئين فإنها تتطلب تنسيقًا عضلياً أكثر من الحرة.

وفي النهاية نؤكد على أن السباحة ليست فقط مهارة ضرورية للبقاء على الحياة ولكنها مهارة ضرورية لكمال القوة، فهي الرياضة الوحيدة التي تستخدم كل عضلات الجسم في الحركة فتنمي قدرة أعلى للاحتمال لا تنال بالعدو أو حمل الأثقال فقط.